حَدِيثٌ فِي الْوَصَاةِ بِأَهْلِ مِصْرَ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ - قَالَ اللّهَ اللّهَ فِي أَهْلِ الذّمّةِ ، أَهْلِ الْمَدَرَةِ السّوْدَاءِ السّحْمِ الْجِعَادِ فَإِنّ لَهُمْ نَسَبًا وَصِهْرًا قَالَ عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ : نَسَبُهُمْ أَنّ أُمّ إسْمَاعِيلَ النّبِيّ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - مِنْهُمْ . وَصِهْرُهُمْ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ - تَسَرّرَ فِيهِمْ . قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ أُمّ إسْمَاعِيلَ هَاجَرُ ، مِنْ " أُمّ الْعَرَبِ " قَرْيَةٍ كَانَتْ أَمَامَ الفَرَما مِنْ مِصْرَ وَأُمّ إبْرَاهِيمَ : مَارِيَةُ سُرّيّةُ النّبِيّ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ - الّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ مِنْ حَفْنٍ ، مِنْ كُورَةِ أَنَصّنَا . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ شِهَابٍ الزّهْرِيّ : أَنّ عَبْدَ الرّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيّ ثُمّ السّلَمِيّ حَدّثَهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ - قَالَ إذَا افْتَتَحْتُمْ مِصْرَ ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا ، فَإِنّ لَهُمْ ذِمّةً وَرَحِمًا " فَقُلْت لِمُحَمّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزّهْرِيّ : مَا الرّحِمُ الّتِي ذَكَرَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ - لَهُمْ ؟ فَقَالَ كَانَتْ هَاجَرُ أُمّ إسْمَاعِيلَ مِنْهُمْ -------------------------------------------------------------------------------- هَدَايَا الْمُقَوْقِسِ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ ، وَغُفْرَةُ هَذِهِ هِيَ أُخْتُ بِلَالِ بْنِ رَبَاحٍ . وَقَوْلُ مَوْلَى غُفْرَةَ هَذَا : إنّ صِهْرَهُمْ لِكَوْنِ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - تَسَرّرَ مِنْهُمْ يَعْنِي : مَارِيَةَ بِنْتَ شمعون الّتِي أَهْدَاهَا إلَيْهِ الْمُقَوْقِسُ ، وَاسْمُهُ جُرَيْجُ بْنُ مِينَاءٍ ، وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - قَدْ أَرْسَلَ إلَيْهِ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ وَجَبْرًا مَوْلَى أَبِي رُهْمٍ الْغِفَارِيّ فَقَارَبَ الْإِسْلَامَ وَأَهْدَى مَعَهُمَا إلَى النّبِيّ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بَغْلَتَهُ الّتِي يُقَالُ لَهَا دُلْدُلُ وَالدّلْدُلُ الْقُنْفُذُ الْعَظِيمُ وَأَهْدَى إلَيْهِ مَارِيَةَ بِنْتَ شمعون ، وَالْمَارِيَةُ بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ الْبَقَرَةُ الْفَتِيّةُ بِخَطّ ابْنِ سِرَاجٍ يَذْكُرُهُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْمُطَرّزِ . وَأَمّا الْمَارِيّةُ بِالتّشْدِيدِ فَيُقَالُ قَطَاةٌ مَارِيّةٌ أَيْ مَلْسَاءُ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبِ الْمُصَنّفِ . وَأَهْدَى إلَيْهِ أَيْضًا قَدَحًا مِنْ قَوَارِيرَ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - يَشْرَبُ فِيهِ . رَوَاهُ ابْنُ عَبّاسٍ ، فَيُقَالُ أَنّ هِرْقِلَ عَزَلَهُ لَمّا رَأَى مِنْ مَيْلِهِ إلَى الْإِسْلَامِ . وَمَعْنَى الْمُقَوْقِسِ : الْمُطَوّلُ لِلْبِنَاءِ وَالْقُوسُ الصّوْمَعَةُ الْعَالِيَةُ ، يُقَالُ فِي مَثَلٍ أَنَا فِي الْقُوسِ وَأَنْتَ فِي الْقَرَقوُسِ مَتَى نَجْتَمِعُ ؟ وَقَوْلُ ابْنِ لَهِيعَةَ بِالْفَرَمَا مِنْ مِصْرَ . الفَرَما : مَدِينَةٌ كَانَتْ تُنْسَبُ إلَى صَاحِبِهَا الّذِي بَنَاهَا ، وَهُوَ الفَرَما بْنُ قيلقوس ، وَيُقَالُ فِيهِ ابْنُ قَلِيس ، وَمَعْنَاهُ مُحِبّ الْغَرْسِ وَيُقَالُ فِيهِ ابْنُ بِلِيسِ . ذَكَرَهُ الْمَسْعُودِيّ . وَالْأَوّلُ قَوْلُ الطّبَرِيّ ، وَهُوَ أَخُو الْإِسْكَنْدَرِ بْنِ قَلِيس الْيُونَانِيّ وَذَكَرَ الطّبَرِيّ أَنّ الْإِسْكَنْدَرَ حِينَ بَنَى مَدِينَةَ الإسكندرية قَالَ أَبْنِي مَدِينَةً فَقِيرَةً إلَى اللّهِ غَنِيّةً عَنْ النّاسِ وَقَالَ الْفَرْمَا : أُبْنَى مَدِينَةٌ فَقِيرَةٌ إلَى النّاسِ غَنِيّةٌ عَنْ اللّهِ فَسَلّطَ اللّهُ عَلَى مَدِينَةِ الْفَرْمَا الْخَرَابَ سَرِيعًا ، فَذَهَبَ رَسْمُهَا ، وَعَفَا أَثَرُهَا ، وَبَقِيَتْ مَدِينَةُ الْإِسْكَنْدَرِ إلَى الْآنَ وَذَكَرَ الطّبَرِيّ أَنّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ حِينَ افْتَتَحَ مِصْرَ ، وَقَفَ عَلَى آثَارِ مَدِينَةِ الْفَرْمَا ، فَسَأَلَ عَنْهَا ، فَحَدّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَاَللّهُ أَعِلْمُ . مِصْرُ وَحَفّنِ وَأَمّا مِصْرُ فَسُمّيَتْ بِمِصْرِ بْنِ النّبَيْطِ وَيُقَالُ ابْنُ قِبْطِ بْنُ النّبَيْطِ مِنْ وَلَدِ كُوشِ بْنِ كَنْعَانَ . وَأَمّا حَفّنِ الّتِي ذَكَرَ أَنّهَا قَرْيَةُ أُمّ إبْرَاهِيمَ بْنِ النّبِيّ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فَقَرْيَةٌ بِالصّعِيدِ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ الّتِي كَلّمَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيّ - رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا - مُعَاوِيَةَ أَنْ يَضَعَ الْخَرَاجَ عَنْ أَهْلِهَا ، فَفَعَلَ مُعَاوِيَةُ ذَلِكَ حِفْظًا لِوَصِيّةِ رَسُولِ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِهِمْ وَرِعَايَةً لِحُرْمَةِ الصّهْرِ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ وَذَكَرَ " أَنَصّنَا " وَهِيَ قَرْيَةٌ بِالصّعِيدِ يُقَالُ إنّهَا كَانَتْ مَدِينَةَ السّحَرَةِ . قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَلَا يَنْبُتُ اللّبْخُ إلّا بأنصنا ، وَهُوَ عُودٌ تُنْشَرُ مِنْهُ أَلْوَاحٌ لِلسّفُنِ وَرُبّمَا ، رَعَفَ نَاشِرُهَا ، وَيُبَاعُ اللّوْحُ مِنْهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا ، أَوْ نَحْوِهَا ، وَإِذَا شُدّ لَوْحٌ مِنْهَا بِلَوْحِ وَطُرِحَ فِي الْمَاءِ سَنَةً الْتَأَمَا ، وَصَارَا لَوْحًا وَاحِدًا